فصل: قال السيوطي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون}.
{يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون}.
{يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون}.
{قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير}.
{واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل}.
{يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرًا لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرًا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط}.
{إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين}.
{يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفًا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفًا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين}.
{ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم فكلوا مما غنمتم حلالًا طيبًا واتقوا الله إن الله غفور رحيم يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرًا يؤتكم خيرًا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم والله عليم حكيم}.
{إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقًا لهم مغفرة ورزق كريم والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم}.
هذا مجمل لخطوط السورة الرئيسية.. فإذا كانت السورة بجملتها إنما نزلت في غزوة بدر، وفي التعقيب عليها، فإننا ندرك من هذا طرفًا من منهج القرآن في تربية الجماعة المسلمة، وإعدادها لقيادة البشرية؛ وجانبًا من نظرة هذا الدين إلى حقيقة ما يجري في الأرض وفي حياة البشر؛ مما يقوم منه تصور صحيح لهذه الحقيقة: لقد كانت هذه الغزوة هي أول وقعة كبيرة لقي فيها المسلمون أعداءهم من المشركين، فهزموهم تلك الهزيمة الكبيرة.. ولكن المسلمين لم يكونوا قد خرجوا لهذه الغاية.. لقد كانوا إنما خرجوا ليأخذوا الطريق على قافلة قريش الذين أخرجوا المهاجرين من ديارهم وأموالهم! فأراد الله للعصبة المسلمة غير ما أرادت لنفسها من الغنيمة.. أراد لها أن تنفلت منها القافلة وأن تلقى عدوها من عتاة قريش الذين جمدوا الدعوة في مكة؛ ومكروا مكرهم لقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ بعدما بلغوا بأصحابه الذين تابعوه على الهدى غاية التعذيب والتنكيل والأذى..
لقد أراد الله سبحانه أن تكون هذه الوقعة فرقانًا بين الحق والباطل؛ وفرقانًا في خط سير التاريخ الإسلامي. ومن ثم فرقانًا في خط سير التاريخ الإنساني.. وأراد أن يظهر فيها الآماد البعيدة بين تدبير البشر لأنفسهم فيما يحسبونه الخير لهم. وتدبير رب البشر لهم ولو كرهوه في أول الأمر. كما أراد أن تتعلم العصبة المؤمنة عوامل النصر وعوامل الهزيمة؛ وتتلقاها مباشرة من يد ربها ووليها، وهي في ميدان المعركة وأمام مشاهدها.
وتضمنت السورة التوجيهات الموحية إلى هذه المعاني الكبيرة؛ وإلى هذه الحقائق الضخمة الخطيرة. كما تضمنت الكثير من دستور السلم والحرب، والغنائم والأسرى، والمعاهدات والمواثيق، وعوامل النصر وعوامل الهزيمة. كلها مصوغة في أسلوب التوجيه المربي، الذي ينشئ التصور الاعتقادي، ويجعله هو المحرك الأول والأكبر في النشاط الإنساني.. وهذه هي سمة المنهج القرآني في عرض الأحداث وتوجيهها.
ثم إنها تضمنت مشاهد من الموقعة، ومشاهد من حركات النفوس قبل المعركة وفي ثناياها وبعدما.. مشاهد حية تعيد إلى المشاعر وقع المعركة وصورها وسماتها؛ كأن قارئ القرآن يراها فيتجاوب معها تجاوبًا عميقًا.
واستطرد السياق أحيانًا إلى صور من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وحياة أصحابه في مكة، وهم قلة مستضعفون في الأرض، يخافون أن يتخطفهم الناس. ذلك ليذكروا فضل الله عليهم في ساعة النصر، ويعلموا أنهم إنما سينصرون بنصر الله، وبهذا الدين الذي آثروه على المال والحياة. وإلى صور من حياةالمشركين قبل هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعدها. وإلى أمثلة من مصائر الكافرين من قبل كدأب آل فرعون والذين من قبلهم، لتقرير سنة الله التي لا تتخلف في الانتصار لأوليائه والتدمير على أعدائه.
هذه موضوعات السورة وملامحها- وهي وحدة واحدة- وإن كنا سنجتزئ في هذا الجزء بشطر منها. ثم تجيء بقيتها في الجزء العاشر بإذن الله تعالى..
فنكتفي بهذا القدر في التعريف المجمل بها؛ وننتقل إلى مواجهة النصوص القرآنية في سياقها.. اهـ.

.قال الصابوني:

سورة الأنفال:
الأنفال مدنية وآياتها خمس وسبعون.
بين يدي السورة:
سورة الأنفال إحدى السور المدنية التي عنيت بجانب التشريع، وبخاصة فيما يتعلق بالغزوات والجهاد في سبيل الله، فقد عالجت بعض النواحي الحربية التي ظهرت عقب بعض الغزوات، وتضمنت كثيرا من التشريعات الحربية، والإرشادات الإلهية التي يجب على المؤمنين إتباعها في قتالهم لأعداء الله، وتناولت جانب السلم والحرب، وأحكام الأسرى والغنائم.
نزلت هذه السورة الكريمة في أعقاب غزوة بدر التي كانت فاتحة الغزوات في تاريخ الإسلام المجيد، وبداية النصر لجند الرحمن، حتى سماها بعض الصحابة سورة بدر لأنها تناولت أحداث هذه الموقعة بإسهاب، ورسمت الخطة التفصيلية للقتال، وبينت ما ينبغي أن يكون عليه المؤمن من البطولة والشهامة والوقوف في وجه الباطل، بكل شجاعة وجرأة، وحزم وصمود. ومن المعلوم من تاريخ الغزوات التي خاضها المسلمون أن غزوة بدر كانت في رمضان من السنة الثانية للهجرة، وكانت هي الجولة الأولى من جولات الحق مع الباطل، ورد البغي والطغيان، وإنقاذ المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، الذين قعد بهم الضعف في مكة، وأخذوا في الضراعة إلى الله أن يخرجهم من القرية الظالم أهلها، وقد إستجاب الله ضراعتهم فهيأ لهم ظروف تلك الغزوة، وبها عرف أنصار الباطل انه مهما طال أمده، وقويت شوكته، وامتد سلطانه، فلابد له من يوم يخر فيه صريعا أمام جلال الحق وقوة الإيمان، وهكذا كانت غزوة بدر نصرا للمؤمنين، وهزيمة للمشركين. وفي ثنايا سرد أحداث بدر جاءت النداءات الإلهية للمؤمنين ست مرات بوصف الإيمان {يا أيها الذين آمنوا} كحافز لهم على الصبر والثبات في مجاهدتهم لأعداء الله، وكتذكير لهم بأن هذه التكاليف التي أمروا بها من مقتضيات الإيمان الذي تحلوا به، وأن النصر الذي حازوا عليه، كان بسبب الإيمان لا بكثرة السلاح والرجال.
أما النداء الأول: فقد جاء فيه التحذير من الفرار من المعركة {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار} وقد توعدت الآيات المنهزمين أمام الأعداء بأشد العذاب.
وأما النداء الثاني: فقد جاء فيه الأمر بالسمع والطاعة، لأمر الله وأمر رسوله {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون} كما صورت الآيات الكافرين بالأنعام السارحة، التي لا تسمع ولا تعي، ولا تستجيب لدعوة الحق.
وأما النداء الثالث: فقد بين فيه تعالى أن ما يدعوهم إليه الرسول، فيه حياتهم وعزتهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم} فالدين حياة، والكفر موت.
وأما النداء الرابع: فقد نبههم فيه إلى أن إفشاء سر الأمة للأعداء خيانة لله ولرسوله، وخيانة للأمة أيضا {يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون}.
وأما النداء الخامس: فقد لفت نظرهم فيه إلى ثمرة التقوى، وذكرهم بأنها أساس الخير كله، وأن من أعظم ثمرات التقوى ذلك النور الرباني، الذي يقذفه الله في قلب المؤمن، وبه يفرق بين الرشد والغي، والهدى والضلال {يا ايها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم}.
وأما النداء السادس: وهو النداء الأخير فقد وضح الله لهم فيه طريق العزة، وأسس النصر، وذلك بالثبات أمام الأعداء، والصبر عند اللقاء، وإستحضار عظمة الله التي لا تحد، وقوته التي لا تقهر، والإعتصام بالمدد الروحي الذي يعينهم على الثبات، ألا وهو ذكر الله كثيرا {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون}.
وختمت السورة الكريمة ببيان الولاية الكاملة بين المؤمنين، وأنه مهما تناءت ديارهم، واختلفت أجناسهم، فهم أمة واحدة، وعليهم نصر الذين يستنصرونهم في الدين، كما أن ملة الكفر أيضا واحدة، وبين الكافرين ولاية قائمة على أسس البغي والضلال، وأنه لا ولاية بين المؤمنين والكافرين {والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير}. هذه خلاصة ما أشارت اليه السورة الكريمة من أهداف، وما أرشدت اليه من دروس وعبر، نسأله تعالى أن يجعلنا من أهل الفهم والبصر. اهـ.

.قال السيوطي:

سورة الأنفال مدنية وآياتها خمس وسبعون أخرج النحاس في ناسخه وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال: نزلت سورة الأنفال بالمدينة.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال: نزلت بالمدينة سورة الأنفال.
وأخرج ابن مردويه عن زيد بن ثابت قال: نزلت الأنفال بالمدينة.
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: سورة الأنفال؟ قال: نزلت في بدر.
وفي لفظ: تلك سورة بدر. اهـ.

.قال القرطبي:

سورة الأنفال: مدنية بدرية في قول الحسن وعكرمة وجابر وعطاء. وقال ابن عباس: هي مدنية إلا سبع آيات، من قوله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا} إلى آخر السبع آيات. اهـ.

.قال ابن كثير:

سورة الأنفال:
وهي مدنية آياتها سبعون وست آيات كلماتها ألف كلمة، وستمائة كلمة، وإحدى وثلاثون كلمة، حروفها خمسة آلاف ومائتان، وأربعة وتسعون حرفا، والله أعلم. اهـ.